الانتخابات الفلسطينية في ميزان الثورة (رقم1)/ المحامي سمير دويكات

لا زالت فلسطين تحت الاحتلال، وهي ايضا دولة تتمتع بالشخصية القانونية منذ مائة عام، وهو نتيجة حتمية لانهيار الدولة العثمانية، وقد اصبحت فلسطين دولة كما باقي الولايات العثمانية، كمصر وسوريا والجزائر وغيرها من الدول وهو امر قانوني في غاية الاهمية وهو ما تم تناوله في المواقف الدولية ومنها بحث مدى اختصاص محكمة الجنايات الدولية في الاراضي الفلسطينية، لكن وجود الاحتلال الانجليزي آنذاك اوقف استمرار نيل فلسطين الاستقلال، فبقي الامر على حاله حتى اليوم بفعل نشوء دولة اسرائيل وكيانها الغاصب والذي ابقى فلسطين بلا سيادة كاملة، لكن نضال شعبها البطل اوقف كل الاطماع الصهيونية والاستعمارية ووضعها من جديد في قلب المعادلات الدولية ومنها القانونية، واستمر الامر بإصدار مجموعة من القرارات الاممية الظالمة ومنها الاعتراف الباطل بالكيان الصهيوني، لكن دخول منظمة التحرير في مفاوضات مع الكيان الصهيوني على امل تحقيق دولة فلسطينية مستقلة على جزء من فلسطين ابقى الامر يراوح مكانه بعد تنصلها من كل الاتفاقيات الدولية، والتي ما تزال لحد اليوم تطمع وتطمح في سرقة التاريخ وفي الاستيلاء على الارض في كل مناطق فلسطين.

ربما المواجهة الاخيرة خاصة بين المقاومة والاحتلال، وخاصة انها اتت بعد تأجيل الانتخابات الفلسطينية العامة بفعل عدم قدرة دولة فلسطين على اجرائها في القدس، وتدخل الداخل الفلسطيني وظهور مقاومة شرسة للاحتلال هناك مع استمرارها في الضفة وغزة والقدس قد جاء بالأمر اليقين ان الاحتلال عدو كامل للديمقراطية وهو الذي معه لا يمكن ان يكون هناك هدوء وفق ما يطلبه الامر بموجب القوانين الفلسطينية التي تتفق مع القانون الدولي.

مع نهاية القرن السابق، وبداية القرن الجديد نظم الفلسطينيون انتخابات عاملة بهدف تحقيق الامور الدستورية بإنشاء نظام حكم وفق ما قررته بعض التفاهمات مع الاحتلال، وهو ما نتج عنه نظام حكم فريد لم يسبق ان تم على مدار التاريخ في أي كيان اخر وبرزت الانتخابات تحت الاحتلال كنوع من التحدي والمزج بين الثورة ضد الاحتلال وبين نشوء نظام مدني يحكم وفق القوانين المدنية، وهو ما ادى بفعل قوة الحق الفلسطيني الى ظهور الفلسطينيين بمظهر حضاري لم يظهر به شعب من قبلهم، واستسلم جميع العالم حتى دولة الاحتلال للانتخابات النزيهه التي جرت، الا انهم أي الامريكان والصهاينة قد حاربوا الديمقراطية الفلسطينية الوليدة حتى قبل نشوؤها لكن يسجل للجنود المجهولين الذي صنعوا التاريخ في الانتخابات امام العالم وشيدوا تاريخا جديدا لا يفهمه سوى الابطال.

في هذا العام تم تنظيم انتخابات وصلت حدها الاخير، لكن التخوف من عرقلتها من قبل الاحتلال وهو ما ظهر في افشال بعض الاجتماعات في القدس للقوى الفلسطينية، ادى الامر الى التجاذب والبحث عن سبيل لإجرائها بعيدا عن الاحتلال، فالاحتلال قادر على منعها ليس فقط في العاصمة المحتلة لدولة فلسطين ولكن في كل المناطق لان يده طويلة حتى في اراضي المناطق التي تسيطر عليها اجهزة الامن الفلسطيني، ولهذا السبب او لأي سبب اخر مجهول تم تأجيل الانتخابات.

في سنة الفين وتسع واثناء العمل ضمن مشروع لتحفيز الطلاب على المشاركة في الانتخابات، رفضت طالبة الصف التاسع من بنات عصيرة الشمالية المشاركة، واثناء سؤالي لها، لماذا؟ اجابت لا يمكن اجرائها في ظل وجود الاحتلال الصهيوني، فماذا سيكون مستقبل الانتخابات في فلسطين في ظل وجود الاحتلال وهل يمكن ان يكون هناك اليات مبتكرة لإجرائها رغما عن انف الاحتلال؟ وهل كانت الفتاه الصغيرة على حق اكثر منها لأنها استشرفت المستقبل؟ سنجيب عن هذا في مائة مقال حول الانتخابات الفلسطينية في قادم الايامـ ان شاء الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com