صرخة ُ مسلم/ بقلم الشاعرعبد الله ضراب الجزائري
يالائِمي شَفَقًا قد زدتَ من ألَمِي … دعني أبُثُّ لظى همِّي إلى قلَمِي
اللَّيلُ يَسجُنني، والهوْلُ يعصِرني … ذي أمَّتي غرقتْ في لُجَّة الحِمَمِ
دعني أنوحُ على عزِّي ومَكرمَتي … مفاخري ذهبتْ، لهفي على شِيَمِي
لهفي على شرفٍ قد كان يكلؤُني … ألقاهُ مُندفنا في كومةِ الرَّدَمِ
*******
بناءُ عزَّتنا دكَّتهُ شِرذمةٌ … بالباطل اجتمعتْ من سائر الأممِ
دَسَّت مخالبَها في قلب موطننا … أفشتْ بمجمعنا جرثومة الجَرَمِ
لَهَتْ بصبيتِنا، لهَتْ بنسوتنا … داست بغطرسةٍ قداسةَ الحَرَمِ
فأين غيرتكم يا قادة العرب؟ … أم أنَّ صمتكمُو نوعا من الكرَمِ؟
كم مرأةٍ هتَكُوا أستارَ عفَّتها … كم طفلةٍ سجنوا في غيهب اليُتُمِ
كم قاصرٍ ذبحوا والأمُّ شاهدةٌ … تَدْوِي بصرْختها:وا أين مُعتصمي
لكنَّ مُعتصمًا شلَّتْ بَوادِرُه … قد ضاعَ مُنهزما في ضجَّة الزَّحَمِ
فالقادةُ انبطحوا جادوا بعزَّتهمْ … عدُّوا معرَّتهمْ نوعا من الكَرَمِ
يا قادتي ارتقبوا إنِّي لمرتقبٌ … النَّار زاحفةٌ يا خائري الهِمَمِ
ان لنتمو طمعا في عطف شانئنا … فاصحوْا إلى بلا خجلٍ من نومة الوَهَمِ
هيهات لن يدع السِّرحان لقمتَه … وهل يرقُّ بنو ص ه ي و ن للذِّممِ
أحقادُهم عظُمتْ في الدَّهر ضاربةٌ … تجذَّرت في طباع السُّوء من قِدَمِ
*******
شعوبُنا انقلبتْ غُثاء ساقية ٍ… تنقادُ صاغرةً للذَّبح كالغنمِ
بل إنَّهم شهبٌ حرْقا لأنفسهمْ … عادوا لعادتهم عبادةُ الصَّنمِ
غَبْراءُ قد رجعتْ للثَّأر ثانية ً… وداحسُ انتصبت ترمي لظى الحمَمِ
عراقُنا الفارسُ المقدام مكتئبٌ … فالغادر المكَّارُ أرداه في الألمِ
بغدادُه الشمَّاءُ غابت معالمُها … تعاملت بخبيث الفعلِ والكلِمِ
ابناؤُها اقتتلوا صهيون حرَّضهم … قد هدَّ وحدتهم بالسُّمِّ والسَّقمِ
غزَّاء في شرَكِ الأعداء عالقةٌ … فالكفرُ سَرْبلَها بالجوع والألمِ
نادَت فما وجدت في الأهل منتفضا … شهْما يغارُ على الإخوان والرَّحِمِ
بل غالها من يمين القُرْبِ مُنسلخٌ … أضحى يُسَيَّرُ بالأعداء كالنَّعَمِ
ليبيا يدمِّرها الأبناء في سفَهٍ … بالحاقدين ذوي الأطماع والنَّهَمِ
قد ظاهروهم على دكِّ الرِّجال بما … يقضي بعنفٍ على الآمال والهِمَمِ
والشَّامُ يغرقُ في فوضى مدبَّرةٍ … يحتار فيها ذوو الألباب والحِكَمِ
لمن يموت بنو الإسلام في هَذَرٍ؟؟؟ … ماذا ينالُ شيوخُ الكُرْهِ بالنِّقَمِ؟؟؟
والكفر يعبث بالإيمان في يمَنٍ … عادت إليه رزايا سَيْلِهِ العَرِمِ
فالغيُّ والبغيُ قد هاما به فهوى … في هوَّة الغلِّ محروما من النِّعمِ
متى نؤوبُ إلى رشْدٍ يُلمْلَمُنا … متى نقوم إلى الآياتِ والنَّدَمِ؟
*******
يا أمَّة سُلِخت من عِزِّ سالفِها … قد تاه مركبُها المعطوبُ في الظُّلَمِ
أمست مُزَحْزَحَةً عن نهج خالقِها … تاهت مُضلَّلةً بجائر النُّظُمِ
الدِّين وحَّدها، والدِّين كرَّمها … والدِّين أخرجها من هوَّة العدَمِ
والدِّين شادَ لها مجداً به شَرُفتْ … صِيغتْ دعائمُه من معدن القيَمِ
أركانُها انصدعتْ، أمجادُها انقطعتْ … ها قد غوَتْ فهوَتْ من شاهق القِمَمِ
إن كنتِ راغبةً في العزِّ فاتَّحدي … وامضي مدجَّجةً بالجدِّ والحَزَمِ
عودي لمركبة الإسلام واستقِمي … سيري بأشرعةِ القرآن والتحِمي
يا عزةً بعدتْ هل أنتِ راجعةٌ ؟؟؟ … أم أنتِ باقيةٌ حبْساً على حُلُمِي