الفيدرالي الامريكي لم يفاجئ الاسواق برفع الفائدة.. بقلم/ د. ماجد أبو دية

انهى مجلس الاحتياطي الامريكي اجتماعاته امس، التي استمرت على مدار يومين، بقرار رفع الفائدة بمقدار 25 نقطةاساس، لتصل نسبة الفائدة على الدولار الى 5%.

هذا القرار لما يفاجئ الاسواق، التي كانت ترى فيه افضل الحلول الوسطية، للمرور من خلال الازمات المتشابكة في الاقتصاد الامريكي.
ولعل الازمة المصرفية التي نشأت بعد اغلاق بنكي وادي السيلكون، وسيجنيتشر، وتداعياتها هي التي سيطرت على نقاش اعضاء الفيدرالي، ورئيسهم جيروم باول

فبعد ان ساد التفاؤل بنجاح خطة الفيدرالي في مواجهة التضخم من خلال سياسة رفع الفائدة المتشددة، حينما جاءت مؤشرات الاقتصاد الامريكي في الشهور السابقة منذ بداية هذا العام، مخالفة ايجابا للتوقعات، في دلالة لتعافي عجلة الانتاج، وانتعاش سوق العمل.

تكشفت قناة تسريب لم تكن بالحسبان، حين تراجعت اسعار السندات طويلة الاجل، التي تستثمر فيها معظم البنوك الامريكية، ويجعل المركز المالي للجهاز المصرفي عرضة للخسارة والاهتزاز، كما حصل مع البنكين المغلقين، خاصة ان البنوك الامريكية مازالت تشهد اكبر عملية سحب للودائع من قبل الافراد والشركات، وتحديدا الودائع ما دون 250 الف دولار لانها غير مشمولة بالتأمين، وحتى الان اقرض البنك المركزي الامريكي باقي البنوك الامريكية اكثر من 154 مليار دولار لمواجهة هذه السحوبات.

الامر الاهم ان جميع البنوك الامريكية شددت من اجراءات الاقراض لحماية اموال المودعين، وينظر اعضاء الفيدرالي لهذه السياسة من جانبين، الاول ان ذلك من شأنه تخفيف المعروض النقدي في الاسواق وهذا يخدم سياسة الفيدرالي في مواجهة التضخم، لذا لجأ في اجتماعه الى الحلول الوسطيه، فبعد ان كان متوقع رفع الفائدة بحوالي 50 نقطة اساس، اكتفى فقط ب25 نقطة اساس، وفي تقديره ان تراجع الاقراض سيساهم بتأثير النقاط الباقية.
اما الناحية الاخرى فهي تشير الى مخاوف، ان تراجع الاقراض بسبب تشديد اجراءات المنح من قبل البنوك، سيؤثر سلبا ويؤدي الى تراجع النشاط الاقتصادي، وبالتالي تاتي قراءات المؤشرات الاقتصادية لا تعكس اية معدلات نمو، وهنا تكمن مخاوف الركود الاقتصادي.
على أية حال بات واضع ان دعم الاستقرار المالي في امريكا الان هو التحدي الاهم، من الاستمرار في السياسة المتشددة في رفع الفائدة لمواجهة التضخم.
السؤال الاهم …أين هو ملاذ سحوبات الودائع الامريكية؟

اظهر تحليل لبنك غولدمان للسجلات العامة، ان العملاء ينقلون الأموال من البنوك إلى صناديق أسواق المال، وهذا يعني ان الاستثمارات في امريكا ستشهد تغيرات جوهرية، خاصة اذا ما اخذنا بعين الاعتبار ان الصناديق الاستثمارية تدفع عوائد اعلى من البنوك لرؤوس الاموال.

والصناديق عادة ما تتاجر بادوات مالية ذات مخاطر اعلى، مما يجعل فرص عودة النشاط لاسواق الاسهم، وخاصة في القطاع الصناعي والخدمي، كبيرة، وسوق السلع (الذهب، الفضة، البلاتين، النحاس) حيث يشهد ارتفاعات متتالية
اما سعر الصرف مقابل العملات العالمية، فلا تغييرات جوهرية والسوق سيسير باتجاه عرضي، فتوقعات احتواء الازمة المصرفية كبيرة جدا، بعد تخفيف الضغوط السحوبية على المصارف، كذلك سوق العملات الرقمية لم يتاثر كثيرا، بعد ان شهد موجة صعود قوية، وضخ سيولة نقدية كبيرة، خلال الاسبوع الماضي بعد الازمة المصرفية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com