عبد الرحمن الراشد.. وماذا بعد؟.. معتز خليل

صباح الثاني من أكتوبر الجاري خرج علينا الكاتب الصحفي عبد الرحمن الراشد بمقال حمل عنوان “التفاوض السعودي الإسرائيلي”، وهو المقال الذي قال فيه الراشد بعض من النقاط ومنها:

1-       إقرار وزعم منه بأن مشاريعُ السلامِ الثنائية مع “إسرائيل” نجحت، بينما فشلت مشاريع السلام الجماعية .

قال الراشد نصًا ” حافظ الموقّعون على التزاماتهم، ومستمرة إلى اليوم.

2-       استعرض الراشد مكاسب الدول العربية التي وقعت على أتفاق ثنائي مع “إسرائيل”  ومنها:

أ‌-          مصر التي أنهت حالةَ الحرب وأعادَت سيناء، وقناةَ السويس لمصر، وتم تقدّيم ملياراً ونصف المليار دولار دعماً أميركياً سنوياً.

ب‌-        الأردن، حصلَ على مطالبِه في اتفاق سلام 1994، التي شملت استعادةَ أراضٍ تعادل مساحةَ غزة، وزيادةَ حصة المياه، وإعفاءات من الديون.

ج‌-         المغرب، اعترفَ “بإسرائيل” مقابلَ اعترافِها بالصحراء بصفتها أرضاً مغربية.

د‌-          السودان أسَّسَ علاقةً “بإسرائيل” ضمن منافعَ وتعاونٍ أمني وعسكري.

ه‌-          لبنان، وقَّع اتفاقَ ترسيم حدودِه المائية مع “إسرائيل” مقابل الاعترافِ بحقوقه البترولية.

و‌-         الإمارات العربية المتحدة والبحرين في الاتفاق الإبراهيمي، الذي شملَ مشاريعَ اقتصادية وتفاهمات متعددة. تُضاف إليه اتفاقات على مستويات أقل مع “إسرائيل”، شملت قطر وسلطنةَ عمان وتونس.

أوسلو

الراشد قال نصًا أيضًا إن اتفاق أوسلو 1993، يعتبر الاستثناء في نجاحه وفي فشله. فقد وُلدت بموجبه سلطةٌ فلسطينيةٌ بشرعيةٍ دولية، وحكومة مدنية للضفة وغزة، وانتقلت من تونس، مع نحو 120 ألف فلسطيني، من المنافي، من منسوبي حركة فتح وعائلاتهم إلى فلسطين. وحصلت على التزامٍ بدعم أوروبي وأميركي سنوي، توقَّفَ خلال رئاسة ترمب، ثم استؤنف مع بايدن. لكن هذا الاتفاق فشلَ في استكمال بقيةِ وعوده.

السعودية

أطلق الراشد على صيغة السلام المقترحة بين “إسرائيل” والسعودية بأنها الاقتراح الأميركي بمطالبَ سعودية متعددة تخدم مصالحَها.

وشرح الراشد مكاسب السعودية من هذا السلام قائلًا : التعاون الدفاعي، المهم ل:

1-       أمن السعودية

2-       التسليح

3-       المشروع النووي

4-       غير ذلك

5-       إحياء المفاوضات على حلّ الدولتين.

ونبه الراشد إلى حديث ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للإعلام الأميركي عن رغبته في تمكين الجانب الفلسطيني من التفاوض ضمن الجهود السعودية.

الراشد قال نصًا: إن التفاوض السعودي الإسرائيلي للسلام يمثل اتفاقًا مرحليًا، معتبرًا أن المفاوضات الثنائية، السعودية الإسرائيلية، يقرّرها البلدان.

وقال الراشد :إن مفاوضات السلام، على صيغة الدولة الفلسطينية وحلّ القضايا المعلقة، اللاجئين والمستوطنات والعاصمة وغيرها، فستكون قراراتها بيد الفلسطينيين وحدَهم في مسار مفاوضاتهم المنفصل.

واعترف الراشد بأن المسارُ السعودي قد لا يحقّق دولة فلسطينية، لكنَّه سيخلق المناخَ السياسيَّ المؤيدَ لذلك.

تقدير موقف

بات واضحًا أن الزميل عبد الرحمن الراشد ومن خلال قراءة هذا المقال الذي ستليه مقالات أخرى عن القضية يرغب في إرسال رساله مفادها :

1-       إن السلام السعودي الإسرائيلي لن يرتبط بالدولة الفلسطينية ولن يمثل شرطًا لها.

2-       إن للسعودية مصالح استراتيجية ترغب في تلبيتها مقابل هذا السلام .

3-       إن السعودية ستسعى لدعم إقامة دولة فلسطينية قريبًا عقب هذا السلام بين السعودية و”إسرائيل” .

4-       إن الحل في التفاوض مع “إسرائيل” هو التفاوض الفردي معها، وليس الجماعي، خاصة وأن الواقع العربي أثبت بالفعل إن التفاوض الجماعي العربي مع “إسرائيل” سينجح، وسيفشل التفاوض الجماعي، وتمثل مصر النموذج الأول، فيما تمثل السعودية ومساعيها لإنجاح مبادرة السلام العربية النموذج الثاني

5-       من الواضح أن الراشد يعلم تمام العلم أن تكوين دولة فلسطينية ومعالجة قضايا مثل اللاجئين والحدود والعاصمة والأمن جميعها لا يمكن حلها في غضون الأشهر القليلة المقبلة، وبالتالي لا بديل الآن إلا الاتفاق على السلام مع “إسرائيل” وبعدها سيتم التفرغ للمحادثات لإقامة دولة فلسطينية بموجب الاتفاق مع السعودية التي سيكون لها بالطبع سفير في إسرائيل سيتحرك لتلبية رغبات سياسية للرياض.

6-       هناك نظرية سياسية إسرائيلية مفادها أن الفلسطينيين يرغبون فقط في التفاوض من أجل التفاوض، وفي حال تابعنا الحديث الأخير الذي أدلى به سمو الأمير بندر بن سلطان وحديثه عن الفلسطينيين وأنهم قوم لا يمكن الثقة بهم ويرغبون فقط في تحقيق المصالح، سنجد أن حديث الراشد في هدفه الأبرز يهدف لهذا الأمر بل ويوافق عليه.

7-       هناك تقدير موقف إسرائيلي صدر حديثًا عن السعودية ووضعه جهاز أمني رفيع، التقدير قال نصًا إن ما يميز الأمير محمد بن سلمان إنه مبادر وقادر على أتخاذ القرار ، وهو أمر مهم ودقيق رغم إنه مثلًا لا يتمتع بنفس الصفات العلمية والأكاديمية للكثير من أفراد العائلة الملكية.

8-       يعلم بن راشد وهو كاتب صحفي كبير أن السلام بين “إسرائيل” والسعودية سيمنح الأولى الكثير، ومهما كانت المكاسب التي ستعود على السعودية من وراء هذا السلام فإنها لا تقارن بما ستحققه “إسرائيل” التي كشفت حكومتها اليمينية وتوجهاتها عن سيطرة اليمين المتشدد على مفاصل الحكم، وأعادت هذه الحكومة الإسرائيلية بسياساتها اليمينية طرح القضية الفلسطينية في المحافل والمنتديات الدولية من جديد.

9-       من الواضح إن السعودية وتحديدًا الأمير محمد بن سلمان قرر التحرك وعدم انتظار أحد من أجل مصلحة المملكة، تمامًا مثلما حاول الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات إقناع العرب بجدوى وأهمية السلام مع “إسرائيل” دون جدوى، وهو ما تقوم به السعودية تماما الآن.

  • مدير مركز رصد للدراسات الإستراتيجية- لندن

2/10/2023

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com