تقدير موقف: كيف باتت صورة الاستخبارات الإسرائيلية مع عملية طوفان الأقصى؟.. معتز خليل

في ذروة القتال المشتعل في عموم إسرائيل والأراضي الفلسطينية والذي يتصاعد عقب عملية طوفان الأقصى، التي أطلقتها كتائب القسام التابعة لحركة حماس في غزة منذ يوم السبت الماضي. هناك نقطة أساسية يجب ألا ننساها، وهي التقديرات الاستخباراتية التي وضعتها الأجهزة الأمنية في “إسرائيل” قبيل اقتحام عناصر كتائب القسام لمستوطنات غلاف غزة، وما تلا ذلك من هجوم جماهيري قوبل بهجوم ورد إسرائيلي عنيف على عموم فلسطين  .

المعلومات الواردة تشير إلى النقاط التالية:

1-       هناك سلسلة من المعلومة من عميل وثيق وكبير في غزة قالت الآتي :”هناك استعدادات غريبة وتحركات أشاهدها للمرة الأولى في غزة”

2-       المعلومة الثانية قال الآتي: “أعتقد أن هناك هجومًا سيحصل خلال ساعات”

3-       المعلومة الثالثة: “جمع كميات كبيرة من التمر للمقاتلين “

المعلومة الأولى والثانية حصل عليهما جهاز شاباك الذي أبلغ رئيسه بهما وكان تصرف رونين بار وفقا للقانون، حيث اتصل بقيادة هيئة الأركان التي جمعت عدد من القيادات على أثر هذا التنبيه.

غير آن هناك رأي قيل في هذه الجلسة يتمثل في أن هذا العميل سبق وأرسل معلومات عن نية المقاومة القيام بضربات، وهو ما لم يحصل، وبالتالي من المفترض ألا يتم أخذ المعلومات التي يرسلها محل التقدير الكبير .

ويبدو آن عناصر كتائب القسام كانت تعرف بوجود عميل، وقامت بالتلاعب معه أمنيا والقيام بتدريبات استراتيجية واستعدادات للاقتحام أكثر من مرة حتى ينقلها لإسرائيل، وبالتالي لن تكون المعلومة التي سينقلها بعد ذلك عن الاستعدادات الجدية للحرب ذات ثقة لدى الإسرائيليين.

المعلومة الثالثة كانت أكيدة، وتعني أن المقاتلين ينوون البقاء لساعات طولية في مستوطنات غلاف غزة، خاصة وأن التمر دوما كان المرافق للمقاتلين الإسلاميين في الحروب .

وتم التأكد من جمع كميات كبيرة من التمر من عموم محالات البقالة بل ومن المنازل في غزة، الأمر الذي يعني أمرًا غير طبيعيًا سيحصل، غير آن قيادة أمنية قالت إنها لن تكون للقيام بعملية ولكن يمكن أن تكون لتدريبات ومناورات عسكرية.

غير أن ما حصل في “إسرائيل” بعد ذلك كان لافتًا، حيث عقدت القيادات العسكرية اجتماعًا مع قيادات شاباك، وتم الوصول إلى استنتاج من قيادات الإركان إنه ومنذ حرب السادس من أكتوبر (حرب يوم الغفران) تصل إسرائيل الكثير من المعلومات والتوقعات بحصول هجمات عسكرية تزامنًا مع الأعياد، وهو أمر لافت ومعروف ، وبالتالي لا داعي للقلق .

المعلومة لم ترض رونين بار الذي دخل في جدال مع القيادات العسكرية التي رفضت التضحية بتأمين الضفة الغربية من أجل هذا الإنذار، وهو ما أدى لهذه النتيجة التراجيدية التي عاشتها إسرائيل.

المعلومات الواردة تتفق مع معلومات أخرى أكيدة تشير وتقول إلى أن هناك دولة عربية صديقة قامت بتحذير إسرائيل من أن شيء ما سيحصل، غير أن هذا التحذير كان تلقائي وطبيعي أي كان دوريا وعاديا، حيث أبلغت هذه الدولة إسرائيل نصا : “هناك شيء ما يحصل حاليا في غزة ويجب عليكم الحذر”

والواضح أن هذا التحذير كان الهدف منه:

1-       قول هذه الدولة إنها عملت ما يجب عليها فعله حيث حذرت إسرائيل (وهذه حقيقة استخباراتية صحيحة)

2-       حرصت هذه الدولة على أن تصل معلومة التحذير إلى الولايات المتحدة، حتى تظهر في صورة الدولة التي قامت بكل شيء وقامت بخطوات أمنية وتنسيق وهو ما تفرضه عليها القوانين الدولية للتعاون الاستخباراتي.

3-       بات واضحا أن هذه الدولة حققت استخباراتيا نقطة إيجابية تتمثل في ظهورها بصورة الطرف الذي أبلغ، والطرف الذي قام بأداء واجبه على أكمل وجه ، وهذا ما كانت تحتاجه في ظل الظروف التي تعيشها سواء على الصعيد الاقتصادي او السياسي مع بدء معركة سياسية حول منصب الرئيس بها.

تقدير استراتيجي

من الواضح أن نفس ما حصل في حرب السادس من أكتوبر حصل مع إسرائيل في يوم السابع من أكتوبر الماضي، حيث وصلت إسرائيل معلومة عن نية مصر وإسرائيل القيام بهجوم ضدها، وهو ما أربك الحسابات في إسرائيل بين مؤيد ومعارض، ولكنها في النهاية قررت الاستعداد في الوقت الضائع، وهو ما يفسر الانهيار الذي كانت عليه قواتها في أول ٦ ساعات من الحرب.

هذا بالضبط ما حصل أخيرا، حيث وصلت إسرائيل معلومة الهجوم ولكنها لم تلتفت لها بنفس الجدية.

  • مدير مركز رصد للدراسات الإستراتيجية- لندن
  • 3/10/2023

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com