نبض الحياة/ عوامل تؤثر على الحرب البرية/ عمر حلمي الغول

مازالت الحرب البرية الإسرائيلية تراوح مكانها حتى اعداد هذا المقال مساء امس الاحد 22 أكتوبر الحالي لجملة من الأسباب، رغم الإعلان عن خوضها ضد قطاع غزة الأعزل والمحاصر منذ ستة عشر يوما خلت، ورغم القصف الجهنمي البربري في حرب إبادة معلنة تقف خلفها إدارة بايدن الأميركية ودول الغرب الرأسمالي، وأكد على شنها رئيس الوزراء نتنياهو طيلة الأيام الماضية، وآخرها امس الاحد عندما اكد اثناء تفقده قوات الجيش قرب الحدود مع لبنان، قائلا ” أن الحرب مسألة حياة او موت بالنسبة لإسرائيل.”
كما ان وزير الحرب غالانت ورئيس اركان الجيش اكدا على ضرورة خوض الحرب البرية، وسعيا الى شحن قواتهم العسكرية وخاصة النخبة على الاستعداد والجاهزية للحرب. اضف الى ان وزير الاقتصاد الإسرائيلي نير بركات هدد في لقاء مع صحيفة “ديلي ميل” البريطانية امس الاحد قائلا ب”قطع رأس الافعى.” في حال دخل حزب الله اللبناني الحرب بشكل حقيقي. وهو ورئيس حكومته وأركانها جميعا يحاولون تحييد او الحؤول دون فتح جبهات أخرى، وحصر الحرب البرية على جبهة محافظات الجنوب الفلسطينية، حتى يتمكن الجيش الإسرائيلي من تحشيد قواته المجوقلة واجهزته الأمنية على جبهة القطاع بهدف القضاء على اذرع المقاومة، التي باتت عصية حتى الان على جيش الموت الاسرائيلي.
بيد ان دشين الحرب البرية على الفلسطينيين الأبرياء يواجه بمجموعة من العوامل المؤثرة في الانخراط فيها لعدم جاهزية الجيش الإسرائيلي لخوض غمارها، منها: أولا حتى اللحظة والى زمن بعيد سيعاني الجيش الإسرائيلي من انهيار المعنويات نتاج ما احدثته اذرع المقاومة في السابع من تشرين اول / أكتوبر الحالي، حيث كشفت العملية الفدائية النوعية والمتميزة عن افلاس وهشاشة الجيش الذي لا يقهر؛ ثانيا الارباك والتخبط داخل المستويات السياسية والعسكرية، وبالتالي عدم وحدة الموقف داخل الكابينيت الحكومي، وداخل قيادة الجيش والأجهزة الأمنية، ومن خلفهم إدارة بايدن التي تعاني أيضا من التردد والتعلثم في خوض الحرب البرية، وتطالب القيادة الإسرائيلية بالتريث، وهذا ما اعلنه الرئيس جو بايدن اول امس السبت. رغم ان الناطقين باسم البيت الأبيض ادعوا ان رئيسهم لم يفهم السؤال، الا ان واشنطن باتت تخشى من نتائج الحرب البرية لعدم ثقتها بالجيش الإسرائيلي؛ ثالثا غياب تقدير الموقف الدقيق لامكانات اذرع المقاومة الدفاعية، وأيضا الخشية من وقوع إصابات كبيرة داخل صفوف الجيش الإسرائيلي، وتداعيات ذلك على مجرى الحرب؛ رابعا الخشية من وجود جيوب للمقاومة خلف جيشهم، وعدم اليقين والقدرة على تحديد مواقع المقاومة، حيث اكدت المقاومة انها مازالت قادرة على التصدي لعمليات القصف الإسرائيلية، وتوجيه قذائفها نحو تل ابيب وعسقلان والمستعمرات على غلاف غزة؛ خامسا الخشية من توسيع جبهات المقاومة وخاصة من الجنوب اللبناني، ولهذا لجأت القيادات السياسية والعسكرية للتهديد والوعيد للمقاومة اللبنانية والفلسطينية من الجنوب اللبناني بعظائم الامور؛ سادسا وجود تمرد في سلاح الجو الإسرائيلي، وتفيد بعض المصادر الإعلامية الإسرائيلية عن انسحاب أربعة عمداء من القواعد العسكرية ومعهم 200 طيار ومساعد طيار، وهروب مجموعة كبيرة من الجنود الصهاينة من ارض المعركة؛ سابعا اتساع ردود الفعل الشعبية والرسمية والديبلوماسية والاقتصادية داخل الدول العربية والأوروبية والولايات المتحدة، حيث تم تقديم استقالة مسؤولين حتى الان من وزارة الخارجية الأميركية، واعتراض واحتجاج 400 موظف في الوزارة ذاتها على سياسة الإدارة المنحازة والمتورطة في الحرب على قطاع غزة. كما ان الطيارين الكنديين احتجوا امس على شركة الطيران الكندية لطردها طيار مصري عربي لتضامنه مع اشقائه الفلسطينيين، والمظاهرات غير المسبوقة في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واسبانيا وكل دول الغرب والشرق الاروبي؛ ثامنا الخشية من انهيار عملية التطبيع الاستسلامي نتاج الحراك الشعبي المتعاظم في الدول العربية؛
ومع ذلك، خوض الحرب من عدمه امر يحتاج الى التدقيق، دون نفي أي من السيناريوهات. لان الحرب البرية نوع من رد الاعتبار للدولة الإسرائيلية الهشة، وحفظ ماء الوجه. لا سيما وان اساطيل الولايات المتحدة والغرب الأوروبي وقواتها الخاصة موجودة، وتعمل على اسناد الجيش الإسرائيلي بما تملك من قدرات هائلة في حال اخذت الضوء الأخضر من إدارة بايدن، التي ترى ضرورة التأجيل لاستنزاف المقاومة، وانتزاع ورقة الاسرى منها تدريجيا بفعل الضغوط العربية الرسمية، وأيضا رغبة القيادات الفلسطينية بما فيها اذرع المقاومة بوقف الحرب الهمجية على القطاع لإنقاذ الشعب من ويلاتها الاجرامية حيث سقط حتى الان ما يتجاوز ال4800 انسان واصابة وجرح ما يزيد عن 15000 مواطن جلهم من الأطفال والنساء والشيوخ.
سيناريوهات الحرب مفتوحة على وسعها، وقادم الأيام تحمل المفاجآت غير المنتظرة.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com