هجوم الاعلام الأمريكي على الفلسطينيين والمقاومة/ بقلم: راني ناصر*

كعربي مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، وعضو في الحزب الجمهوري، ومنظمة “مسلمون من اجل الديموقراطية والعدالة”، لم أشاهد من قبل هذا الحجم الهائل من التضليل والتأليب في وسائل الإعلام الامريكية المرئية والمقروءة والمسموعة على الشعب الفلسطيني وحقه في الدفاع عن نفسه، وتجيشها الراي العام بشكل لم يسبق له مثيل في دعم الرواية الصهيونية بالكامل فيما يتعلق بحق إسرائيل في سحق غزة، والقضاء على الوجود الفلسطيني بكل الطرق المتاحة سواء في داخل حدود فلسطين التاريخية او خارجها.

يعد تحكم الصهاينة في الاعلام الأمريكي سببا في انحيازه لإسرائيل، وسببا في شيطنته للفلسطينيين والمقاومة؛ فبعد إطلاق المقاومة الفلسطينية عملية “طوفان الأقصى”، تجلى سعي البوارج الإعلامية في أمريكا الى توجيه الضربة القاضية للقضية الفلسطينية امام الرأي العام الأمريكي من خلال تزوير الحقائق، وترويج الاخبار الزائفة، وتواجد صحافييها في الجانب الإسرائيلي فقط لتقل الرؤية الصهيونية للمشاهدين الامريكيين، وهو ما اتضح على سبيل المثال في تغطية بعض وسائل الاعلام  ك”Fox news”، و ” CNN “، و “New York Times ” وغيرها للخبر الذي نقله جنديا إسرائيليا وتيببن لاحقا بانه غير صحيح؛ حيث زعم الجندي بان حماس قطعت رؤوس الأطفال، واغتصبوا النساء، وردده قادة في اعلى مراكز القرار كالرئيس الأمريكي الصهيوني جو بايدن الذي قال أثناء زيارته الأخيرة لتل ابيب ” لو لم تكن هناك إسرائيل لعملنا على إقامتها”.

وبعد ان قامت وسائل الاعلام الامريكية بتوجيه أكبر موجة تضليل تستهدف المقاومة الفلسطينية، ونشرت الخبر الزائف على نطاق واسع، ورسخته في ذهن الملايين من المواطنين الأمريكيين؛ قامت بالتراجع عن الخبر بإصدارها بيان مقتضب شبه مخفي على مواقعها الإخبارية بهدف منع وصول الحقيقة الى الراي العام الأمريكي.

وأما السبب الآخر والاهم في ترويج الرواية الصهيونية في الإعلام الأمريكي، هو غياب موقف رسمي عربي حازم يفند أكاذيب الإعلام الأمريكي، ويعرقل محاولاته تشويه صورة الفلسطينيين والمقاومة، ويكبح مساعي قادة الولايات المتحدة مثل الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته في تكرار ما ينقله اعلامهم بهدف تضليل الرأي العام في بلادهم.

وهذا يعود الى انشغال الأنظمة العربية في الحفاظ على السلطة، وانتقالهم من مرحلة التواطؤ والتخاذل مع دولة الاحتلال الى مرحلة العداء العلني تجاه الفلسطينيين والمقاومة، ووقوفهم في خندق واحد مع اسرائيل؛ حيث قامت بعض الأنظمة بإصدار تنديدات معلبة لا قيمة لها، ووصفت أخرى عملية “طوفان الأقصى” منذ اليوم الأول بأنها تصعيد خطير من جانب حماس. واكتفى البعض بالسكوت إزاء الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد شعبنا في غزه، واستقبلت بعض العواصم العربية وزير خارجية أمريكا بحفاوة على الرغم من تصريحاته المكوكية بشأن دعم بلاده المطلق لإسرائيل سياسيا واقتصاديا وعسكريا، ووصفه المقاومة الفلسطينية بالإرهابية.

للأسف، من المتوقع ان تزداد حدة هجوم الإعلامي الأمريكي على القضية الفلسطينية، ومساعيها في تجريم المقاومة وتحميلها مسؤولية الأحداث الدامية في غزة مثل جريمة مستشفى المعمداني، وذلك بهدف تهيئة الرأي العام الأمريكي لقبول ضرورة استخدام المزيد من الأموال الضريبية لدعم إسرائيل، وتعزيز دعمها على نطاق واسع لسياستها تجاه دولة الاحتلال.

كاتب فلسطيني وعضو في الحزب الجمهوري الامريكي*
rani_nasser@hotmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com