في ذكرى إعلان الاستقلال.. سعدات بهجت عمر

في ذكرى إعلان الاستقلال من يرسم الأيام والشهور والسنين المنصرمة من عمر إعلان الدولة الفلسطينية يبكي من الذكريات التي تدعى اليوم وفي المستقبل الموبوء بالتطبيع بعد تكريس كل كلمة وكل طلقة لا تحمل ترصيع النجوم فتغرز الأظافر المسمومة في الحياة الفلسطينية بأوامر إسرائيلية في الدولة العتيدة. في السلطة الفلسطينية مثلما تنغرز جرافات الهدم وقذائف وصواريخ الموت في الأجساد والرصاصات اللعينة الشريرة في مآقي السموات التي نما حولها الذباب حين أضحى الربيع الوليد عطراً بارودياً يَغِلُّ حتى الإيلام وكل طفل عربي هناك من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي وكل طفل هنا في فلسطين يسقط كصوت السماء الذي يوقظ لا صباحاً أو صراخاً بل قهراً للظلام بأريج كي يحفظ الأرض والعِرض حيث السكينة في الضفة الغربية وقطاع غزة وما بعدهما وسط دائرة الرعب الإسرائيلية والانقلابية الدموية وسط دائرة الرعب الصهيونية وفي اليد الفلسطينية وفي يد الجماهير العربية من حرارة المشاعر الصادقة وهبوها مسلة كنعانية من الجزائر تطاول عنان السماء. يا أيها الحجر الصامت في الأودية وعلى جبال فلسطين قلبك يخفق حباً في ذكرى إعلان الإستقلال وبين أيدي أطفال فلسطين وعيناك لهما ألوان كثيرة منها خضرة سهل مرج إبن عامر ووادي عربة وزرقة مياه طبريا والبحر الميت وذهب الصخرة المشرفة والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة وفسيفساء قصر هشام في مدينة أريحا، وسواد الليل الحالك من الوعود العربية الرسمية علها تنحني لك أيضاً الشهيد البطل الصامت والكلمات تشير إليك دهشة في الذكرى السابعة عشرة لاستشهادك. فأنت كل شيء الآن شوارع وأزقة المدن والقرى والمخيمات متاريس للقتال منازل تشيد وتهدم بحقد دفين، قذائف نارية تحرق العدوان، صفائح قبور أنت الخلود المتمثل في الضمير الفلسطيني في زمن العهر والصمت العربي الرسمي سوق النخاسة المشوه أنت أقوى من الفولاذ، وتناست القمة كم من الأيام تمر وهي تغض بالثائرين وأشجار الزيتون لوحة ثورية متشابكة في ألوانها توحداً بين مضمونها. هذه هي اللوحة وبين المكنونات الإنسانية السامية فتصبح الألوان الفلسطينية ذات شفافية خاصة في دولة عتيدة وتأخذ دلالاتها فتعشق مبدعيها وتلهم ثوارها وعشاقها، وتتلون رؤية المسافات في الزمان والمكان الفلسطيني وتوغل في أعماق الإنسان العربي لتفجر بداخله ينابيع الثورة شعلة. لأنها أحلام ثائر منتفض ومتمرد ياخذ من فلسطين وجمالها ومن أعماق جوفها دماً من اليرموك وحطين وعين جالوت والقسطل والكرامة وتموز جنوب لبنان فيلون بها الألوان فيصبح الجدول والوادي مقطوعين من جبل المسرة وثمرة ناضرة من شجرة يافاوية ورائحة المناضلون أسوار عكا القوية وشهداء قلعة الشقيف وشهداء قانا وشهداء وبيوت قطاع غزة، والسنديانات الخضر آتية من حطين والواقوصة على جواد خالد ابن الوليد وصلاح الدين الأيوبي ومن رصاص أحمد موسى. هكذا أيتها الأخوات وأيها الإخوة نرى الربيع في فلسطين لا يتوقف ليس لأنه الآن في فلسطين لا توجد الفصول الأخرى إلا فصل الدم بل لأنه سكن القلب عاشقاً فلسطين فأصبح ثائراً وسكن العين فأصبح حلماً وسكن العقل فأصبح وطناً وسكن الأرض فأعطاها ألوانها التي لا تنتهي فيصرخ فخوراً فلسطين التي أقطنها الجنة والدولة فيها قائمة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com