صفعة جولانية لأحلام وأوهام نتنياهو

 

 تحّمس رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو فدعا مجلس وزرائه الى عقد اجتماع في الجولان يوم الاحد الموافق 17/ نيسان/2016. وادلى بتصريحات نارية بعد الاجتماع بأن الجولان سيبقى تحت السيادة الاسرائيلية وللابد.

 

جاء هذا "الحماس" الاستثنائي قبل أربعة أيام من توجهه الى موسكو ولقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين! والتساؤل الكبير الذي يطرح نفسه لماذا هذا الحماس وما هي أهدافه وماذا كانت نتائجه؟

 

لا بُد من القول أن عدة هواجس تهيمن على ذهن نتنياهو، أدت الى تنفيذ خطوة لم يقدم عليها أي رئيس وزراء اسرائيلي سابق عبر 49 عاماً من الاحتلال لهذه الاراضي السورية، وهذه الهواجس يمكن حصرها بالآتي:

 

أولاً: هناك شعور لديه بأن الازمة السورية هي على طريق الانتهاء، وان الرئيس بشار الأسد سيبقى قائد سورية، وبالتالي، فان الرئيس الأسد قد يسمح بفتح جبهة الجولان أمام المقاومة، وبالتالي تواجه اسرائيل جبهة مواجهة جديدة.

 

ثانياً: اضافة الى ما ذكر سابقاً، فان هناك تقييمات لدى الدوائر الامنية الاسرائيلية مفادها ان انتصار الرئيس الاسد على المؤامرة التي تعرضت لها سورية سيجعله قويا، وسيشجعه ليس فقط على فتح جبهة جديدة مع اسرائيل، بل قد يقوم هو بنفسه بعمل عسكري لاعادة تحرير الجولان من الاحتلال الاسرائيلي، وخاصة ان هناك عدة عوامل تشجع الرئيس الاسد على ذلك، واهمها تعاظم قوة الجيش العربي السوري عبر امتلاكه خبرات قتالية نوعية ومميزة، وكذلك امتلاكه أسلحة متطورة، وبعضها قد يكون قد حصل عليها من روسيا. والعامل الآخر هو ان سورية قادرة على تلقي ضربات جوية، وتحمل الدمار الناتج عن ذلك لأن الارهابيين اعاثوا في الاراضي السورية دماراً كبيراً.. واما العامل الثالث والقوي فيكمن في تصميم الرئيس على اعادة الجولان، واذا حقق ذلك، فان شعبيته وزعامته لن تكون قوية في سورية وحدها، بل في العالم العربي كله لانه عراب المقاومة المشروعة وسندها الحقيقي.

 

ثالثاً: هناك هاجس يسيطر على نتنياهو بأن الحل السلمي في سورية سيشكل ضربة لتوقعاته، ولتحالفاته السرية مع دول في الخليج العربي، اذ أن هذه الدول الداعمة للارهاب ستضطر الى الاصغاء للحل السلمي السياسي، وقد تضطر ايضا الى استقبال مجددا الارهابيين الذين ارسلتهم الى سورية، ووفرت الدعم لهم لتحقيق اهدافها، ولكنهم فشلوا. وعودتهم ستشكل خطرا على دول الخليج ذاتها.

 

انطلاقاً مما ذكر، فقد طلب نتنياهو من الرئيس بوتين منحه ضمانات بعدم قيام سورية بفتح جبهة الجولان بعد انتهاء الازمة السورية، وكذلك بعدم تزويد الجيش السوري بأسلحة متطورة، وخاصة أسلحة دفاع جوي قد تشل حركة سلاح الجو الاسرائيلي في الاجواء السورية.

 

هذا الطرح الاسرائيلي لم يقبل به الرئيس بوتين، الذي أشار الى نتنياهو بأن الجولان هي أراضٍ سورية محتلة، وعلى اسرائيل تطبيق قرار مجلس الامن رقم 242 الصادر في خريف عام 1967، اي قبل 49 عاماً. واكد بوتين انه يدعم تطبيق قرارات الشرعية الدولية، وعلى اسرائيل احترام وتطبيق هذه القرارات.

 

ومما اكد الموقف الصلب للرئيس الروسي، ان مجلس الامن اجتمع بعد عدة ايام من لقاء بوتين نتنياهو، واصدر بياناً واضحاً وهو ان الجولان هي ارض سورية محتلة، ويرفض المجلس اي اجراءات احادية لضمها.

 

أي أن حماس نتنياهو قاده الى ورطة سياسية اذ ان العالم جدد موقفه الرافض لضم الجولان، ولاي اجراء اسرائيلي فيه.. وتلقى صفعة سياسية كبيرة، اذ أنه أثار أمام العالم كله موضوع احتلاله للجولان، وتغاضي اسرائيل عن قرارات الشرعية الدولية.

 

لقد كانت حسابات نتنياهو خاطئة، في حين أن هواجسه في مكانها، ولكنه لم يفلح في التعامل مع هذه الهواجس بل وسع من دائرة تأثيرها عليه.

 

يدرك نتنياهو وغيره من قادة اسرائيل أن الاحتلال للجولان سيكنس وسيزول في يوم من الايام.. وموضوع الجولان ليس كوضع الضفة، اذ أن هناك دولة قوية تطالب بعودته الى سيادتها وفي اسرع وقت ممكن!

 

ورغم ادراكه بأن سورية لن تتخلى عن الجولان، الا انه ما زال يعيش في أوهام واحلام.. اذ أن الجولان لن يبقى تحت الاحتلال الى الابد، بل سيعود الى وطنه الام، مهما مارس هو واركان حكومته من اجراءات وبناء لمستوطنات!

 

القدس 4/5/2016

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com