جاك خزمو.. الإنسان.. كلمات في رثاء رفيق دربي.. د. ندى الحايك خزمو

رحلت يا مهجة قلبي.. رحلت يا توأم روحي.. رحلت يا رفيق دربي.. ونِعم الرفيق والزوج والأب والأخ والصديق..

نعم كنت كل هذا وأكثر وأكثر وأكثر …

كل الكلمات لا تكفي لأن تعبر عن مشاعر الحب والحنان والعواطف الجياشة التي أغدقتها عليّ وعلى بناتك وأحفادك وكل من هم حولك .. حنان لم أرَ مثيله عند أحد، به امتلكت قلوبنا وقلوب الناس.. وبفقدانك فقدنا ينبوع الحنان ومصدر الأمان.

 أغدقت بحبك وحنانك على الجميع يا صاحب أعظم وأطيب قلب في الوجود.. فطيبتك كانت تتسع للكون، وقلبك الناصع البياض تفوق حتى على بياض الثلج، فلم ولن أرى له مثيلاً أبداً..

كنت تسعى دائمًا  لرسم البسمة على شفتي وشفاه بناتك وعلى من حولك.. حتى وأنت تئن من شدة الألم ومن تبعات المرض الخبيث الذي أنهك جسدك، كانت ابتسامتك تسبقك إلى أي مكان.. تفرح القلوب وتهدئ النفوس وتثلج الصدور.

كنت تكره أن ترى دمعة على عيون بناتك، وكنت تقول دائماً: أكثر شيء يؤلمني هو أن أرى دمعة على عيني إحدى بناتي.. فمن سيمسح دموعهن؟..

كنت شمس حياتنا والنور الذي تغلب على كل أحزاننا، فالحياة بك ومعك كانت أجمل ما في الكون.

رحلت في غفلة.. في لحظة.. فرغم مرضك لم نتوقع أنك سترحل بهذه السرعة.. أن ترحل وتترك وراءك قلوبًا معذبة تئن وتتوجع من شدة الألم والحزن والحسرة..

 ألم رهيب لا تستطيع كل مسكنات الدنيا أن تخفف من حدته وشدته وفظاعته..  ولن تستطيع كل كلمات العزاء أن  تخفف وطأته علينا.

رحلة من العمر مضت معك بأيامها ولياليها، عشناها معاً بحلوها ومرها.. فجميعها ذكريات لن أنساها أبداً.

في تشييع جثمانك وفي بيت العزاء كنت أنظر من حولي بذهول وأنا أرى الجموع والوفود الكبيرة التي جاءت لتعزي، ولكن رغم ذلك فإنني حتى الآن لا أصدق أن الموت خطفك من بيننا وأبعدك عنا.

أرى الجموع تؤم بيت العزاء، فيمر في ذهني شريط عمرك المليء بحب الوطن وبالعطاء اللامتناهي، حتى حين اقتربت ساعة المنون كنت ما تزال تفكر في الوطن وماذا تكتب وماذا ستفعل وماذا ستقدم .

يقولون فارساً ترجل.. فهل ترجلت يا أيها المناضل الصلب القوي الذي قطع عهداً على نفسه منذ نعومة أظافره أن يخدم الوطن وأبناء شعبه بكل الحب والوفاء .. وعمل بكد وبكل قوته من أجل إعلاء صوت الحق عالياً، لا يبالي بكل الضغوطات والاحتلال والرقابة العسكرية والتهديدات التي كادت أن تودي بحياته وحياة أسرته مراراً وتكراراً ..

نعم خدم وطنه بكل ما أوتي من عزم وبإصرار وإرادة لا مثيل لها.. لم يتوان يوماً عن واجبه وظل يصارع لوحده ( نعم لوحده) من أجل إبقاء “مجلة البيادر” صوت الحق.. صوت الأسرى والمظلومين.. صوت القدس وأبنائها .. يقتطع من قوت يومه من أجل أن تستمر مسيرة المجلة ورسالتها..

نم قرير العين يا رفيق دربي لأني لن أتخاذل، وسأعمل بكل قوتي من أجل استمرار مسيرة البيادر، ومسيرتك يا أيها المناضل الذي كرس نفسه ووقته وحياته من أجل وطنه، ومن أجل قضيته، ومن أجل أن يُسمع صوت أبناء فلسطين عالياً مدوياً إلى كل العالم.. والتاريخ لن ينسى تضحياتك وما قدمته للوطن، وستظل أعمالك خالدة مدى الدهر..

وللحديث بقية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com